فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الحاقة: الآيات 19- 37]

{فأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ بِيمِينِهِ فيقول هاؤُمُ اقْرؤُا كِتابِيهْ (19) إِنِّي ظننْتُ أنِّي مُلاقٍ حِسابِيهْ (20) فهُو فِي عِيشةٍ راضِيةٍ (21) فِي جنّةٍ عالِيةٍ (22) قُطُوفُها دانِيةٌ (23) كُلُوا واشْربُوا هنِيئا بِما أسْلفْتُمْ فِي الْأيّامِ الْخالِيةِ (24) وأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ بِشِمالِهِ فيقول يا ليْتنِي لمْ أُوت كِتابِيهْ (25) ولمْ أدْرِ ما حِسابِيهْ (26) يا ليْتها كانتِ الْقاضِية (27) ما أغْنى عنِّي مالِيهْ (28) هلك عنِّي سُلْطانِيهْ (29) خُذُوهُ فغُلُّوهُ (30) ثُمّ الْجحِيم صلُّوهُ (31) ثُمّ فِي سِلْسِلةٍ ذرْعُها سبْعُون ذِراعا فاسْلُكُوهُ (32) إِنّهُ كان لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ الْعظِيمِ (33) ولا يحُضُّ على طعامِ الْمِسْكِينِ (34) فليْس لهُ الْيوْم هاهُنا حمِيمٌ (35) ولا طعامٌ إِلاّ مِنْ غِسْلِينٍ (36) لا يأْكُلُهُ إِلاّ الْخاطِؤُن (37)}

.الإعراب:

{فأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ بِيمِينِهِ} الفاء استئنافية وأما حرف شرط أو تفصيل و{من} اسم موصول في محل رفع مبتدأ وجملة {أوتي} صلة و{أوتي} فعل ماض مبني للمجهول و{كتابه} مفعول به ثان والأول نائب الفاعل المستتر و{بيمينه} متعلق بـ: {أوتي}.
{فيقول هاؤُمُ اقْرؤُا كِتابِيهْ} الفاء رابطة لجواب أما وجملة {يقول} خبر {من} و{هاؤم} فيها استعمالان:
1- أنها تكون فعلا صريحا.
2- أنها تكون اسم فعل ومعناها في الحالين خذوا.
فإن كانت اسم فعل وهي المذكورة ففيها لغتان المدّ والقصر تقول هاء درهما يا زيد وها درهما يا زيد ويكونان كذلك في الأحوال كلها من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث وتتصل بهما كاف الخطاب اتصالها باسم الإشارة فتطابق مخاطبك بحسب الواقع مطابقتها وهي أن الكاف ضمير المخاطب تقول: هاك هاءك هاك هاءك إلى آخره ويخلف كاف الخطاب همزة متصرفة تصرف كاف الخطاب فتقول هاء يا زيد، هاء يا هند، هاؤما، هاؤم، هاؤن، وهي لغة القرآن. وإذا كانت فعلا صريحا لاتصال الضمائر البارزة المرفوعة بها كان فيها ثلاث لغات إحداها أنها تكون مثل عاطى يعاطي فيقال: هاء يا زيد هائي يا هند هائيا يا زيدان أو يا هندان هاءوا يا زيدون، هائين يا هندات، الثانية أن تكون مثل هب فيقال هأهيء هآهئوا هئن مثل هب هبي هبا هبوا هبن، الثالثة أن تكون مثل خف أمرا من الخوف فيقال هأهائي هاءا هاءوا هأن مثل خف خافي خافا خافوا خفن، واختلف في مدلولها والمشهور أنها بمعنى خذوا وقيل معناها تعالوا فتتعدى بإلى وقيل معناها القصد.
وعبارة البحر: هاء بمعنى خذ وقال الكسائي وابن السكيت: والعرب تقول: هاء يا رجل وللاثنين رجلين وامرأتين هاؤما وللرجال هاؤم وللمرأة هاء بهمزة مكسورة من غير ياء وللنساء هاين، وقيل: هاؤم كلمة وضعت لإجابة الداعي عند الفرح والنشاط وفي الحديث «أنه عليه الصلاة والسلام ناداه أعرابي بصوت عال فجاوبه عليه الصلاة والسلام هاؤم بصولة صوته»، وزعم قوم أنها مركبة في الأصل والأصل هاء أموا ثم نقله التخفيف والاستعمال وزعم قوم أن هذه الميم ضمير جماعة الذكور.
واقتصر في الكشاف على قوله: هاء صوت يصوّت به فيفهم منه معنى خذ كأفّ وحس وما أشبه ذلك. وهذا هو المشهور فيها. و{اقرءوا} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل و{كتابيه} تنازع فيه {هاؤم} و{اقرءوا} فأعمل الأول عند الكوفيين والثاني عند البصريين وأضمر في الآخر أي هاؤموه اقرءوا كتابيه أو هاؤم اقرءوه كتابيه وأصله كتابي فأدخلت عليه هاء السكت لتظهر فتحة الياء وقد تقدم بحث هاء السكت والجملة مقول القول.
{إِنِّي ظننْتُ أنِّي مُلاقٍ حِسابِيهْ} إن واسمها وجملة {ظننت} خبرها وأن واسمها سدّ مسدّ مفعولي {ظننت} و{ملاق} بخبر {أني} وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين و{حسابيه} مفعول به لـ: {ملاق} لأنه اسم الفاعل والياء مضاف إليه والهاء للسكت.
{فهُو فِي عِيشةٍ راضِيةٍ} الفاء الفصيحة وهو مبتدأ و{في عيشة} خبر و{راضية} نعت لـ: {عيشة} وفيها ثلاثة أقوال:
1- أنها على النسب أي ذات رضا نحو لابن وتامر لصاحب اللبن والتمر أي ثابت لها الرضا ودائم لها لأنها في غاية الحسن والكمال، والعرب لا تعبّر عن أكثر السعادات بأكثر من العيشة الراضية بمعنى أن أهلها راضون بها والمعتبر في كمال اللذة الرضا.
2- أنها على إظهار جعل المعيشة راضية لمحلها وحصولها في مستحقها وأنه لو كان للمعيشة عقل لرضيت لنفسها بحالتها فهي من باب المجاز.
3- وقال أبو عبيدة والفرّاء إن هذا مما جاء فيه فاعل بمعنى مفعول نحو ماء دافق بمعنى مدفوق بمعنى أن صاحبها يرضى بها ولا يسخطها كما جاء مفعول بمعنى فاعل كما في قوله تعالى: {حجابا مستورا} أي ساترا، وعبارة أبي عبيدة في كتابه (مجاز القرآن) ومن مجاز ما يقع المفعول إلى الفاعل إن العرب وصفوا أشياء من كلامهم في موضع الفاعل والمعنى أنه مفعول وفي القرآن: في عيشة راضية وإنما يرضى بها الذي يعيش فيها.
{فِي جنّةٍ عالِيةٍ} الجار والمجرور بدل من قوله {في عيشة} و{عالية} صفة أي مرتفعة المكان والدرجات.
{قُطُوفُها دانِيةٌ} مبتدأ وخبر والجملة صفة ثانية لـ: {جنة} والقطوف جمع قطف بكسر القاف بمعنى مفعول كالذبح بمعنى المذبوح وهو ما يقطفه القاطف من الثمار وأما القطف بفتح القاف فهو المصدر.
{كُلُوا واشْربُوا هنِيئا بِما أسْلفْتُمْ فِي الْأيّامِ الْخالِيةِ} الجملة مقول قول محذوف أي يقال لهم ذلك وهنيئا حال أي مهنئين وقال الزمخشري: هنيئا أكلا وشربا هنيئا أو هنيتم هنيئا على المصدر. ولا يجوز ذلك إلا على تقدير الإضمار عند من يجيز ذلك أي أكلا هنيئا وشربا هنيئا وقد تقدم القول مفصلا في {هنيئا}، و{بما} الباء حرف جر للسببية وما مصدرية أو موصولة والجار والمجرور متعلقان بـ: {هنيئا} وجملة {أسلفتم} لا محل لها على كل حال و{في الأيام} متعلقان بـ: {أسلفتم} و{الخالية} نعت للأيام.
{وأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ بِشِمالِهِ فيقول يا ليْتنِي لمْ أُوت كِتابِيهْ} الجملة معطوفة على الجملة السابقة، و{يا} حرف نداء والمنادى محذوف أو لمجرد التنبيه وليت حرف مشبّه بالفعل للتمنّي والنون للوقاية والياء اسمها وجملة {لم أوت} خبر و{كتابيه} مفعول به ثان والأول نائب الفاعل المستتر.
{ولمْ أدْرِ ما حِسابِيهْ} الواو عاطفة و{لم} حرف نفي وقلب وجزم و{أدر} فعل مضارع مجزوم بـ: {لم} و{ما} اسم استفهام في محل رفع مبتدأ و{حسابيه} خبرها والهاء للسكت والجملة سدّت مسدّ مفعولي {أدر} المعلقة عن العمل بالاستفهام ومعنى الاستفهام التعظيم والتهويل.
{يا ليْتها كانتِ الْقاضِية} الياء للنداء أو للتنبيه وقد تقدمت وليت واسمها والضمير يعود على الموتة في الدنيا وجملة {كانت} خبر ليت واسم كان ضمير مستتر يعود على الموتة و{القاضية} خبر {كانت}.
{ما أغْنى عنِّي مالِيهْ} {ما} نافية و{أغنى} فعل ماض و{عنّي} متعلقان بـ: {أغنى} و{ماليه} فاعل {أغنى} ومفعول {أغنى} محذوف للتعميم، ولك أن تعرب {ما} استفهامية في محل نصب مفعول مطلق لـ: {أغنى} فيكون الاستفهام للتوبيخ وبّخ نفسه أي أيّ إغناء أغنى ما كان لي من اليسار في الدنيا الذي ضننت به على الفقراء، وبعضهم يعربها مفعولا به مقدما لـ: {أغني} أي أيّ شيء، فيهمل المصدر والعودة إليه والأول أرجح ويجوز في {ماليه} أن تكون {ما} اسم موصول هي فاعل {أغنى} واللام حرف جر والياء في محل جر والجار والمجرور متعلقان بمحذوف صلة الموصول أي الذي ثبت واستقر لي والأول أرجح.
{هلك عنِّي سُلْطانِيهْ} {هلك} فعل ماض و{عني} متعلقان به و{سلطانيه} فاعل {هلك} والياء في محل جر بالإضافة والهاء للسكت.
{خُذُوهُ فغُلُّوهُ} الجملة مقول قول مقدّر وجملة القول مستأنفة مسوقة للإجابة عن سؤال مقدّر كأنه قيل: وما يفعل به بعد هذا التحسّر الصادر عنه فقيل يقال خذوه، و{خذوه} فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل والهاء مفعول به، {فغلّوه} عطف على {خذوه} والخطاب للزبانية الموكلين بالعذاب.
{ثُمّ الْجحِيم صلُّوهُ} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي و{الجحيم} مفعول به لفعل محذوف يفسره ما بعده و{صلوه} فعل أمر وفاعل ومفعول به.
{ثُمّ فِي سِلْسِلةٍ ذرْعُها سبْعُون ذِراعا فاسْلُكُوهُ} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي و{في سلسلة} متعلقان باسلكوه ولم تمنع الفاء من ذلك لأنه قدّم للاهتمام والتخصيص، و{ذرعها} مبتدأ و{سبعون} خبره و{ذراعا} تمييز والفاء عاطفة أيضا واسلكوه فعل أمر وفاعل ومفعول به، ثم إن كلمتي ثم والفاء الواقعتين في الجملة الأخيرة إن كانتا لعطف جملة {فاسلكوه} لزم اجتماع حرفي العطف على معطوف واحد فينبغي أن تكون كلمة {ثم} لعطف قول مضمر على ما أضمر قبل قوله {خذوه} أي قيل لخزنة جهنم خذوه فغلّوه ثم الجحيم صلّوه ثم قيل لهم في سلسلة إلخ وتكون الفاء لعطف المقول على المقول وثم لعطف القول على القول.
وعبارة الزمخشري: ومعنى ثم الدلالة على تفاوت ما بين الغلّ والتصلية بالجحيم وما بينها وبين السلك في السلسلة لا على تراخي المدة.
{إِنّهُ كان لا يُؤْمِنُ بِاللّهِ الْعظِيمِ} الجملة تعليلة مسوقة لتعليل هذا العذاب الشديد الذي يلقاه وإن واسمها وجملة {كان} خبرها واسم كان مستتر يعود عليه وجملة {لا يؤمن} خبر {كان} و{باللّه} متعلقان بـ: {يؤمن} و{العظيم} نعت للّه وعبارة الزمخشري أنه تعليل على طريق الاستئناف وهو أبلغ كأنه قيل: ما له يعذب هذا العذاب الشديد فأجيب بذلك.
{ولا يحُضُّ على طعامِ الْمِسْكِينِ} الواو عاطفة لتجمع بين الأمرين المستوبلين وهما الكفر والبخل وهما أقبح العقائد والرذائل، و{لا} نافية و{يحضّ} فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره هو و{على طعام المسكين} متعلق بـ: {يحضّ}.
{فليْس لهُ الْيوْم هاهُنا حمِيمٌ} الفاء الفصيحة كأنه قيل إن شئت أن تعرف مصيره بعد الحالة الدينية التي ارتطم فيها فليس. وليس فعل ماض ناقص و{له} خبر مقدّم و{اليوم} ظرف متعلق بمحذوف حال أو متعلق بما في الخبر من معنى الاستقرار وها للتنبيه وهنا اسم إشارة في محل نصب على الظرفية متعلق بما تعلق به {اليوم} أيضا و{حميم} اسم ليس ولا يصحّ أن يكون {اليوم} خبر ليس لأنه زمان والمخبر عنه جثة و{حميم} اسم ليس.
{ولا طعامٌ إِلّا مِنْ غِسْلِينٍ} الواو حرف عطف و{لا} نافية و{طعام} عطف على {حميم} و{إلا} أداة حصر و{من غسلين} نعت لطعام فدخل الحصر على الصفة كقولك ليس عندي رجل إلا من بني تميم إذ المراد بالحميم الصديق فعلى هذا الصفة مختصة بالطعام أي ليس له صديق ينفعه ولا طعام إلا من كذا، ونون {غسلين} وياؤه زائدتان وهو ما يجري من الجراح إذا غسلت، ومن الغريب أن يجيز أبو البقاء جعل {من غسلين} صفة للحميم كأنه أراد به الشيء الذي يحم البدن من صديد النار على أنه عاد فذكر قوله وقيل من الطعام والشراب لأن الجميع يطعم بدليل قوله ومن لم يطعمه فعلى هذا يكون قوله {إلا من غسلين} صفة لـ: {حميم} ولـ: {طعام}. وما أكثر ما للنقل من آفات.
{لا يأْكُلُهُ إِلّا الْخاطِؤُن} الجملة صفة لـ: {غسلين} و{لا} نافية و{يأكله} فعل مضارع ومفعول به مقدم و{إلا} أداة حصر و{الخاطئون} فاعل لـ: {يأكله}.